الرحيل الدائم نحو عوالم لا تُرى،
كأنك تحمل على كتفيك كوكبًا صغيرًا يدور بك حيث لا قرار.
أن تُسجن في رأسك، أن تُلقي بنفسك في محيط لا قاع له،
ظنًّا منك أنك تغوص نحو الحقيقة،
بينما أنت في الحقيقة تغرق في الضباب.
كالمرآة التي تعكس صورتك آلاف المرات،
حتى تنسى أي صورة هي الأصل
، وأيّها مجرد وهم
كل فكرة تنجب أخرى، وكل احتمال يلد عشرات الاحتمالات
كأن العقل يصبح آلة لا تنام،
يلتهم السكون ويلفظه قلقًا،
ينسج من كل حدث بسيط سيناريوهات معقدة،
يحاكمك على ما لم تقله،
ويحاسبك على ما لم يحدث بعد.
يصبح الزمن مع التفكير المفرط بطيئًا، كأنه يتمطى بسخرية، بينما تدور أنت في حلقة من الأسئلة اللامتناهية،
تبحث عن يقين في أرض من الشك.
وهنا تكمن المأساة: أن الإنسان، في وهم السيطرة على كل شيء، يفقد السيطرة على ذاته.
يُقنع نفسه أن المزيد من التفكير سيمنحه الأمان،
بينما هو في الحقيقة يحفر في جدران قلبه ثقوبًا تسرب منها راحته
التفكير المفرط ليس فكرًا عميقًا، بل غرقٌ في العمق حتى العمى. هو أن تُشعل ألف شمعة في عقلك،
لكنها لا تنير طريقك،
بل تحرقك واحدةً تلو الأخرى.
وفي لحظة صفاء نادرة، تدرك أن السلام ليس في الإجابات،
بل في القبول.
ليس في فك كل العقد،
بل في الوثوق أن بعض العقد خُلقت لتبقى