كأنني ما عدتُ أستطيع التوقّف !
كأن الحرف صار أنفاسي ، والورق صدري المزدحم !
أكتب ، وأكتب ، وكأنني أطارد ظلًّا هاربًا من داخلي !
كلّ ما فيّ يريد أن يتكلّم …
قلبي ، ذاكرتي ، حزني ، وحدتي ،
وحتى خيبتي الصغيرة التي كنت أدفنها بابتسامة …
كأن داخلي مدينةٌ من الكلام ،
وكل سطرٍ أكتبه ؟ يحرّر سجينًا منها !
لم أعد أكتب لأنني أحبّ الكتابة ،
بل لأنني لو لم أفعل ؟ لانفجرت …
لو لم أكتب ، لصحتُ بكلّ وجعي في وجه العالم ،
ولبكيتُ على رصيف كل ذاكرة ...
أكتب لأنني تعبت من التحمّل ،
تعبت من الصمت ،
تعبت من أن أبدو بخير ،
والحقيقة أنني مكسورة بطريقة لا يراها أحد …
كلما كتبتُ سطرًا أشعر أن شيئًا منّي تشافى ،
وشيئًا آخر تكشّف ،
وهكذا أستمر، بلا نهاية …
لأن الألم لا ينضب ، ولأنني حين أحببت ؟
أحببت بعمق لا يُحكى في صفحة .
دعني أكتب …
ولا تسألني إلى متى …
لأن بعض القلوب حين تنكسر ، لا تبكي…
بل تكتب …
ولأنني أكتب ؟
فكلّ حرفٍ هو بقايا شعور لم يجد من يحتويه ...
كل جملةٍ هي دفعة نجاة أنتشل بها " قلبي " من الغرق في صمتي !
أصبحت أكتب بدل العناق …
أكتب حين تقتلني المسافات ….
حين أفتقد دفئًا كنت أظنّه لا يغيب …
حين أحاول عبثًا أن أفهم كيف انتهى كل شيء ونحن كنّا نحلف للبدايات أنها لا تموت …
أكتب لأنني حين أحببت ، لم أكن أحب فقط !
كنت أزرع نفسي بكاملها فيك ،
كنت أمنح ، وأصدق ، وأسامح وكأن لا شيء حدث ..
وها أنا الآن أكتب لأجمع ما تبقّى منّي …
أكتب كي لا أفقدني تمامًا !
كي أُرمّم شروخًا لا تُرى …
كي أعيد تعريف نفسي خارج حدود الخذلان …
وكلّما هممتُ أن أضع النقطة الأخيرة ،
تُغريني الذكرى !
تفتح بابًا ، وتلقي عليّ جملة …
فأعود … أكتب من جديد …
دعني أكتب …
دعني أقول كلّ ما لم يُفهم !
وأبوح بكلّ ما لم يُسأل !
وأعشق … على الورق فقط !
فالحياة الحقيقية أصبحت تضيقُ على الحب .