جزءٌ مني يشتاق حدّ الارتجاف …
يريد أن يعود غرقاً في صندوق الذكريات !
أن يفتّش عن الصور القديمة ،
أن يقرأ الضحكات التي كنّا ننسجها بأيدينا ،
أن يرى تلك العيون التي كانت تراني كما لم يراني أحد !
ذلك الجزء تحديداً يريد أن أستسلم للحنين !
أن أبحث عنك بين الرسائل واللقطات ،
أن أُعيد قراءة كلّ “ أحبك ” قيلت في تلك الايام …
ولكن ، هناك صوتٌ آخر !
أضعف … لكنه أعمق …
يهمس لي : إيّاكِ ثم إيّاكِ !
لا تفتحي الباب فالحنين خادع ،
والذكريات مشرّعة على نارٍ لا تطفأ !
سيأكلكِ الشوق …
وسينهار كل ما حاولتِ ترميمه في نفسكِ !
أقف بينهما …
كأنني بين ذاكرةٍ تأخذني ، وعقلٍ يشدّني للنجاة !
أريد أن أشتاق ، لكن لا أريد أن أنكسر ..
أريد أن أراك في الماضي ، لكن لا أريد أن أفقد حاضري !
أنا هنا ، لا في الذكرى ولا في النسيان …
بل في المنتصف …
أُحبّ بصمت ، و أُراقب من بعيد ،
وأُخبئ نفسي من نفسي …
كي لا أعود أكثر ممّا يجب …
أنا لا أنكر أنّك كنت الوطن ،
ولا أنكر أنني بنيت حولك كل أمنياتي الصغيرة ،
ولازلتُ أُخفي في قلبي ألف تفصيلة منك ،
لكنني اليوم … لا أبحث عن الرجوع ،
أنا فقط أفتّش عني ، عن صوتي ، عن راحتي المفقودة .
نسيتُ ماذا تعني كلمة " سعادة " !
أنا لا أعرف شيئاً من هذا القبيل !
أنا لا أتذكر آخر مرّة كنت فيها بخير !
إن كان داخلياً أم خارجياً ، فالأمر بات معكوساً كما المِرآه …
اُريد ان اُنقذ ماتبقى من فُتات نفسي ..
أنا ؟ لستُ أنا السابقة …
مُت مع من أحببت …
دُفنت بجانب نُسختك السابقة …
أتنفس ؟ نعم ، كما الروبوت .. تماماً …
كُل ليلة هُنت فيها ، كُسر جزء منّي …
كل دمعة سالت بيني وبين نفسِي المسكينة
محت معها الكثير من المشاعر …
لم تكن ليلة .. او ليلتين !
كانت سنة .. سنتان .. ثلاثة .. ولك حِسبتها …
أُحبك ؟ نعم .
لكن بطريقةٍ لا تتطلّب حضورك اليومي ،
بطريقةٍ لا تُرغمني على انتظارات موجعة ،
ولا على أعذار لا تنتهي …
أُحبك كما تُحب روحاً كانت يوماً كلّ الحياة ،
ثم علّمتك الحياة كيف تعيش بدونها .
كلّ صورة ، كلّ ضحكة ، كلّ كلمة ،
ما زالت محفوظة بقلبي كتحفة ثمينة لا تُلمس !
لكنّني أرفض أن أكسر نفسي مجدداً ،
فقط لأُشبع لحظة حنين .
سأُحبك من بعيد ، بهدوء ، بحنان ،
ومن دون أن أطلب شيئاً في المقابل !
سنكون بخير .